بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلف الأوائل هم النبع الصافي
في"التوحيد و الفقه والتزكية"
معانيها "العقيدة والأتباع والتربية "
الحمد لله الذي أكرمنا بنور العلم المبدد لظلمات الجهالة وأنقذنا بنور الرسالة من السقوط في درك الضلالة أنعم علينا بوجود العلماء إرشادا للعباد ودلالة الحمد لله الذي رضي من عباده اليسير من العمل وتجاوزلهم عن الكثير من الزلل وأفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه دعا عباده إلى دار السلام فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلا وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنة وفضلا فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم سبحانه الذي يفتح لناس أبواب العلم والحكمة والفهم فيصرف عنهم به أبواب الشبهات التي هي شراك الشيطان وشباكه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى به طرفة عين عن فضله ورحمته ولا مطمع له بالفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته وأشهد أن محمدا عبده ورسوله و صفيه وخليله خير الأنبياء مقاما وأحسنهم كلاما لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال والدعي إلى خير الأخلاق وأحسن الأعمال أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين وقد ترك أمته على الواضحة الغراء المحجة البيضاء وسلك أصحابه وأتباعه على أثره إلى جنات النعيم وعدل الراغبون عن هديه إلى صراط الجحيم ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة وان الله لسميع عليم فصلى الله وملا ئكته وعباده المؤمنين عليه كما وحد الله وعرفنا به ودعا إليه وسلم تسليما ثم أما بعد..........
فان من أخطر التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية المعاصرة هو التعامل الخاطئ من كثير من أفرادها مع النصوص القرآنية و النبوية العامة والخاصة وذلك بوضعها في غير مواضعها أو الاستشهاد بها في غير محلها وبدون تحقيق المناطات العامة والخاصة و التي لابد من وجودها للربط ربطا صحيحا بين دلالات النصوص والوقع وسوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديما وحديثا بل هو أصل الأخطاء في الأصول والفروع ولذا يقول ابن القيم-رحمه الله-"وهل أوقع القدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية والروافض وسائر الطوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله ورسوله" لتعلم أيها المتفقه أن لا فهم للقرآن والسنة الصحيحة إلا بفهم الأوئل سلف هذه الأمة -رضوان الله عليهم-
ومن ثم نرى الإمام البخاري-رحمه الله- يبوب في كتاب العلم بابا بعنوان (باب فهم في العلم) ويروي فيه حديت معاوية-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- أي يفهمه ثم قال "ومفهوم الحديث أن من لم يفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع فقد حرم من الخير كله" و للخروج من هذا المأزق الحرج فلابد من الرجوع لسلف الأمة وعلمائهم الثقات في فهم نصوص الكتاب والسنة فهذا هو النهج المنضبط لفهم الإسلام بشموله وعمومه فهم أعرف به من غيره وأقعد بالعلم من دونه وعلم بهذا الفهم الدقيق والوعي الشامل والعميق محال ألا يبعث صاحبه على العمل فكل علم لا يفيد عملا ليس في الشرع أبدا ما يدل على استحسانه فلا قيمة لأي عمل بدون عمل قال تعالىيآ أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون) فكثيرة هي دروس العلم وحلقاته وأكثرمنها الكتب والمجلدات الفاخرة المحققة في كل فنون العلم ونافس كل هذا بشكل ملحوظ الأشرطة بوق المتعددة ومع ذلك فالسؤال المطروح بمرارة وحسرة أين الثمرة وما حجمها وأين الجيل الذي تعلم وتربى ؟ نعم أين الجيل الذي يحاكي الجيل القرآني الفريد ذلك الجيل الذي استطاع النبي صلى الله عليه وسلم به أن يقيم للإسلام دولة من فتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجا فإذا هي بناء شامخ لا يطوله بناء في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق ذلك الجيل القرآني الذي استطاع بجدارة أن يطبع عشرات الآلاف من النسخ من المنهج التربوي الإسلامي في دنيا الواقع ولكنه لم يطبعها بالحبر على صحائف الورق ولكنه طبعها بمداد من التقوى والنور على صحائف القلوب فصار المنهج التربوي واقعا متحركا في عالم الناس يتألق سموا و روعة و عظمة و جلالا و حركة وعملا و بناء و عزة و تمكين و استعلاء و بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أطلق على الصحابة والتابعين وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة في البداية ((أهل السنة)) لما كانوا هم المتبعون لسنة رسول الله صلى الله عيه وسلم المقتفون لأثره فسموا((أهل الأثر)) و((أهل الحديث)) وفي زمن عثمان رضي الله عنه ظهر أهل البدع مثل الخوارج الذين كفروا الصحابة زمن وبعد موت علي رضي الله عليه ظهر الشيعة الروافض الذين نسبوا النبوة لعلي بل أعطوه مكانة أعظم وقالوا علي معصوم وكفروا الصحابة وفسقوهم عدا أربع ثم صار يطلق عليهم ((أهل السنة والجماعة)) و((أهل السنة والجماعة)) هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وسموا أهل السنة لاستمساكهم وإتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم و سموا ((الجماعة))لأنهم الذين اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين واجتمعوا على أئمة الحق ولم يخرجوا عنهم واتبعوا ما أجمع عليه سلف الأمة ولما صار المبتدعة من ينسب نفسه إلى هذا اللقب الشريف مثل المرجئة والجهمية والمعتزلة والقدرية والصوفية الشعرية وغيرها من الفرق الضالة المضلة كان لزاما أن يمتازوا عن غيرهم ومن هنا نشأ مصطلح ((السلفية)) نسبة إلى سلف هذه الأمة من أهل الصدر الأول ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ولهاذا نبدأ بالأسئة التي من أجلها كتبت المقدمة و التمهيد
السؤال الأول/ لماذا التربية على منهاج أهل السنة والجماعة؟
لأن التربية على غير منهاج أهل السنة والجماعة يدخل فيها الانحراف و الغلو والتفريط ومن الجماعات من يفرط بالقيام أو الصيام ولأنه منهج قرآني ولأن منهج أهل السنة والجماعة واجب إتباعه في كل شيء ولأنه منهج وسط بين الغلو و التفريط ومنهج أهل السنة والجماعة صائب في كل المجالات ولأنه منهج من مشكاة النبوة من أجله قامت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وبأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم دخل كثير من الناس في الإسلام وبأخلاق الصحابة رضوان الله عليهم دخل كثير من الناس في الإسلام وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أنها قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآن يمشي على الأرض" فبالتربية تصح العقائد وتعمق المفاهيم الصحيحة وتغرس الأخلاق النبيلة وينشأ الصغار على ما درج عليه الكبار. قال السلف-رضوان الله عليهم-"لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الأخر"وهل قامت دولة الإسلام وارتفع دين الملك العلام إلا بتربية الصحابة الكرام بمكة بدار الأرقم بن أبي الأرقم بالقيام والصيام وتلاوة القرآن وهذا المنهج الذي ربى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم هو المنهج التربوي لأهل السنة والجماعة بذاته وحذافيره والدعوة لا تستقيم إلا بالتربية فكيف ستدعوا الناس إلا طريق الحق وأنت ناقص تربية فلن يستجيبوا لك وهذا مثله كالذي يدعوا الناس إلى الجنة بكلامه ويقول لهم ابتعدوا بأفعاله فالتربية لا تكون إلا على منهاج أهل السنة والجماعة لأنه منهج رباني بني على أسس ربانية و المنهج التربوي لأهل السنة والجماعة ما كان إلا بتربية النبي صلى الله عليه وسلم لسلف الصالح وانظر حرص الأنبياء صلوات الله عليهم على هداية الناس انظر إلى خليل الله أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وهو يقول قال تعالى ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم ءايتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم) انه سؤال له مغزاه انظر إلى قوله ((فيهم))وقوله ((منهم)) ثم الغرض من إرسال هذا الرسول:
1- يتلوا عليهم آيتك
2- يعلمهم الكتاب والحكمة
3- ويزكيهم
وسبحان الملك القدوس العليم الحكيم يشاء الله -جل وعلا- أن يستجيب دعاء خليله إبراهيم قال تعالى كمآ أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم ءايتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) سورة البقرة صفحة151 وقال جل وعلا لقد مَنَ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة آل عمران صفحة 164 ويقول تعالى هو الذي بعث في الأمًُين رسولا منهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة الجمعة 2 فهذه ثلاث آيات من القرآن تفيد استجابة الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام وامتنان الله بذالك على المؤمنين ولكن لاحظ كيف رتب الله وظيفة الرسول المبعوث صلى الله عليه وسلم ترتيب آخر على غير نسق طلب إبراهيم عليه السلام والله أعلم بما يصلح عباده.
فطلب إبراهيم لوظيفة الرسول : 1- يتلوا عليهم آيتك
2- يعلمهم الكتاب والحكمة
3- ويزكيهم
إما امتنان الله ففي : 1- يتلو عليهم آياتنا
2- يزكيهم
3- يعلمهم الكتاب والحكمة
ولم يختلف هذا الترتيب في آية واحدة من الثلاثة ولا رابعة من جنس هذه الآيات في القرآن الكريم كله وهذا يدل -إن دل- على شيء واحد وهو :أهمية تزكية القلب قبل التعلم علما بأن التزكية معناها التربية في الشرع وتوحي بشيء هذا أوائل سورة المزمل.
قال تعالى يأيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا *إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) فقيام الليل نوع من أنواع التزكية لأن التزكية عند أهل السنة والجماعة بكثرة العبادة لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وما تزكية القلب إلا الإيمان فقيام الليل تزكية للقلب استعدادا لتلقي العلم (القول الثقيل).
السؤال الثاني/لماذا نحتاج الآن أن نسمي أنفسنا بالسلفيين؟
نحن الآن في وقت صعب ظهر فيه البدع والأهواء بكثرة ومن الناس الذين يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة وهم في الأصل لا يرتبطون بأهل السنة والجماعة لا من قريب ولا من بعيد لأسباب لأنهم مبتدعون ضالون يغرقون في أوحال البدع ولأنهم يضعون أيديهم مع من يؤمن بأن عائشة زانية و الصحابة كلهم كفار عدا أربع علي والحسين وفاطمة والحسن رضي الله عنهم فأصبح لزاما علينا نحن أصحاب المنهج الصافي والمعتقد الصحيح أن نميز أنفسنا بلقب شريف يمحوا أهل البدع من قاموسنا المشرف وتاريخا المجيد وما هم إلا مسيئين لمنهج أهل السنة والجماعة وهذا اللقب ما يزيدنا إلا عزة وفخر لأنه ينسب إلا أصحاب القرون الثلاثة الأولة وهم السلف الصالح رضوان الله عليهم واللقب هو ((السلفية)) قال شيخ الإسلام ابن تيمية"ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزي إليه بل يجب قبول ذلك بالاتفاق فان منهج السلف لا يكون إلا حق" وقال الإمام الذهبي "لم يدخل الرجل في علم الكلام ولا الجدال ولا خاض في ذلك بل كان سلفيا"واسم السلفية إنما هو محمود لقول ابن تيمية.
السؤال الثالث/ لماذا ندعو الناس إلى المنهج السلفي؟ وهل السلفية حزب جديد؟
المراد من المنهج السلفي ما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين وإتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه في الدين وتلقى الناس كلامهم من السلف كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري وابن المبارك والنخعي والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن دون من رمي ببدعة أو أشتهر بلقب غير مرضي كالروافض أو الخوارج أو المرجئة أو القدرية أو المعتزلة أو الجهمية أو الصوفية ونحن ندعو الناس لفهم القرآن والسنة بفهم الأوائل سلف هذه الأمة ونحن ندعو الناس إلى المنهج الصحيح والمعتقد الصحيح لنبلغ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل "بلغوا عني ولو آية" بلغوا تكليف عني تشريف ولو آية تخفيف من استجاب من الناس وعمل به فقد حاز على حظ وافر.
السلفية ليست اسم حزبي ولكنها اسم نسبي والسلفية ليست حزبا إنما السلفية فهم والسلفية هي المدرسة التي تحافظ على العقيدة والمنهج الإسلامي بعد ظهور الفرق المختلفة طبقا لفهم الأوائل والسلفية ليست تأسيس البشر إنما هي الإسلام نفسه بالفهم الصحيح علما وعملا وهي تمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان الناس يتلمسون اليوم طريقا للنهوض فليس لهم من سبيل إلا وحدة الجماعة ووحدة الجماعة ليس لها سبيل إلا الإسلام الصحيح والإسلام الصحيح مصدره الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والسلفية هي عودة الإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والسلفية تحارب الحزبية والعصبية التي تفرق بين الناس إذا السلفية منهج يدعو إليه الناس قال تعالىإن فرعون علا في الأرض وجعلها شيعا يستضعف طائفة منهم) قد أدرك أتباع الشيطان في هذه الأيام المقتل الذي عرفه فرعون وجنوده فتواصوا بالإفساد وأتباع الشيطان يجعلون الأمة أحزاب متشرذمة ينشغل بعضها ببعض يوالي عليها أصحابها ويبرؤون ويرون من لم ينتم إليهم خصما لهم وإذا نصحتهم يقولون مثبط مرجف قال تعالى لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا).
السؤال الرابع/ ما الفرق بين الأهل السنة والجماعة وبين السلفية؟
أهل السنة والجماعة لها معنيان المعنى الأول هو معنى عام وفي هذا المعنى يدخل فيه جميع الفرق كالمرجئة والجهمية والمعتزلة و القدرية وغيرها من الفرق المبتدعة الضالة والمعنى الثاني هو معنى خاص وفي هذا المعنى لا يدخل إلا فرقة واحدة ألا وهي الفرقة الناجية التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الفرق قال صلى الله عليه وسلم "تفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة قالوا وما هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي" ونحن نعتقد أن لا فرق بين أهل السنة والجماعة وبين السلفية لأننا نقيس أهل السنة والجماعة على المعنى
الخاص.
هذا و ما كان من توفيق فمن الله
وما كان من خطأ أو نسيان فمني و من الشيطان
هذا و الله اعلم...
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلف الأوائل هم النبع الصافي
في"التوحيد و الفقه والتزكية"
معانيها "العقيدة والأتباع والتربية "
الحمد لله الذي أكرمنا بنور العلم المبدد لظلمات الجهالة وأنقذنا بنور الرسالة من السقوط في درك الضلالة أنعم علينا بوجود العلماء إرشادا للعباد ودلالة الحمد لله الذي رضي من عباده اليسير من العمل وتجاوزلهم عن الكثير من الزلل وأفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه دعا عباده إلى دار السلام فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلا وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنة وفضلا فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم سبحانه الذي يفتح لناس أبواب العلم والحكمة والفهم فيصرف عنهم به أبواب الشبهات التي هي شراك الشيطان وشباكه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى به طرفة عين عن فضله ورحمته ولا مطمع له بالفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته وأشهد أن محمدا عبده ورسوله و صفيه وخليله خير الأنبياء مقاما وأحسنهم كلاما لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال والدعي إلى خير الأخلاق وأحسن الأعمال أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين وقد ترك أمته على الواضحة الغراء المحجة البيضاء وسلك أصحابه وأتباعه على أثره إلى جنات النعيم وعدل الراغبون عن هديه إلى صراط الجحيم ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة وان الله لسميع عليم فصلى الله وملا ئكته وعباده المؤمنين عليه كما وحد الله وعرفنا به ودعا إليه وسلم تسليما ثم أما بعد..........
فان من أخطر التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية المعاصرة هو التعامل الخاطئ من كثير من أفرادها مع النصوص القرآنية و النبوية العامة والخاصة وذلك بوضعها في غير مواضعها أو الاستشهاد بها في غير محلها وبدون تحقيق المناطات العامة والخاصة و التي لابد من وجودها للربط ربطا صحيحا بين دلالات النصوص والوقع وسوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديما وحديثا بل هو أصل الأخطاء في الأصول والفروع ولذا يقول ابن القيم-رحمه الله-"وهل أوقع القدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية والروافض وسائر الطوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله ورسوله" لتعلم أيها المتفقه أن لا فهم للقرآن والسنة الصحيحة إلا بفهم الأوئل سلف هذه الأمة -رضوان الله عليهم-
ومن ثم نرى الإمام البخاري-رحمه الله- يبوب في كتاب العلم بابا بعنوان (باب فهم في العلم) ويروي فيه حديت معاوية-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- أي يفهمه ثم قال "ومفهوم الحديث أن من لم يفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع فقد حرم من الخير كله" و للخروج من هذا المأزق الحرج فلابد من الرجوع لسلف الأمة وعلمائهم الثقات في فهم نصوص الكتاب والسنة فهذا هو النهج المنضبط لفهم الإسلام بشموله وعمومه فهم أعرف به من غيره وأقعد بالعلم من دونه وعلم بهذا الفهم الدقيق والوعي الشامل والعميق محال ألا يبعث صاحبه على العمل فكل علم لا يفيد عملا ليس في الشرع أبدا ما يدل على استحسانه فلا قيمة لأي عمل بدون عمل قال تعالىيآ أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون) فكثيرة هي دروس العلم وحلقاته وأكثرمنها الكتب والمجلدات الفاخرة المحققة في كل فنون العلم ونافس كل هذا بشكل ملحوظ الأشرطة بوق المتعددة ومع ذلك فالسؤال المطروح بمرارة وحسرة أين الثمرة وما حجمها وأين الجيل الذي تعلم وتربى ؟ نعم أين الجيل الذي يحاكي الجيل القرآني الفريد ذلك الجيل الذي استطاع النبي صلى الله عليه وسلم به أن يقيم للإسلام دولة من فتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجا فإذا هي بناء شامخ لا يطوله بناء في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق ذلك الجيل القرآني الذي استطاع بجدارة أن يطبع عشرات الآلاف من النسخ من المنهج التربوي الإسلامي في دنيا الواقع ولكنه لم يطبعها بالحبر على صحائف الورق ولكنه طبعها بمداد من التقوى والنور على صحائف القلوب فصار المنهج التربوي واقعا متحركا في عالم الناس يتألق سموا و روعة و عظمة و جلالا و حركة وعملا و بناء و عزة و تمكين و استعلاء و بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أطلق على الصحابة والتابعين وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة في البداية ((أهل السنة)) لما كانوا هم المتبعون لسنة رسول الله صلى الله عيه وسلم المقتفون لأثره فسموا((أهل الأثر)) و((أهل الحديث)) وفي زمن عثمان رضي الله عنه ظهر أهل البدع مثل الخوارج الذين كفروا الصحابة زمن وبعد موت علي رضي الله عليه ظهر الشيعة الروافض الذين نسبوا النبوة لعلي بل أعطوه مكانة أعظم وقالوا علي معصوم وكفروا الصحابة وفسقوهم عدا أربع ثم صار يطلق عليهم ((أهل السنة والجماعة)) و((أهل السنة والجماعة)) هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وسموا أهل السنة لاستمساكهم وإتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم و سموا ((الجماعة))لأنهم الذين اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين واجتمعوا على أئمة الحق ولم يخرجوا عنهم واتبعوا ما أجمع عليه سلف الأمة ولما صار المبتدعة من ينسب نفسه إلى هذا اللقب الشريف مثل المرجئة والجهمية والمعتزلة والقدرية والصوفية الشعرية وغيرها من الفرق الضالة المضلة كان لزاما أن يمتازوا عن غيرهم ومن هنا نشأ مصطلح ((السلفية)) نسبة إلى سلف هذه الأمة من أهل الصدر الأول ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ولهاذا نبدأ بالأسئة التي من أجلها كتبت المقدمة و التمهيد
السؤال الأول/ لماذا التربية على منهاج أهل السنة والجماعة؟
لأن التربية على غير منهاج أهل السنة والجماعة يدخل فيها الانحراف و الغلو والتفريط ومن الجماعات من يفرط بالقيام أو الصيام ولأنه منهج قرآني ولأن منهج أهل السنة والجماعة واجب إتباعه في كل شيء ولأنه منهج وسط بين الغلو و التفريط ومنهج أهل السنة والجماعة صائب في كل المجالات ولأنه منهج من مشكاة النبوة من أجله قامت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وبأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم دخل كثير من الناس في الإسلام وبأخلاق الصحابة رضوان الله عليهم دخل كثير من الناس في الإسلام وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أنها قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآن يمشي على الأرض" فبالتربية تصح العقائد وتعمق المفاهيم الصحيحة وتغرس الأخلاق النبيلة وينشأ الصغار على ما درج عليه الكبار. قال السلف-رضوان الله عليهم-"لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الأخر"وهل قامت دولة الإسلام وارتفع دين الملك العلام إلا بتربية الصحابة الكرام بمكة بدار الأرقم بن أبي الأرقم بالقيام والصيام وتلاوة القرآن وهذا المنهج الذي ربى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم هو المنهج التربوي لأهل السنة والجماعة بذاته وحذافيره والدعوة لا تستقيم إلا بالتربية فكيف ستدعوا الناس إلا طريق الحق وأنت ناقص تربية فلن يستجيبوا لك وهذا مثله كالذي يدعوا الناس إلى الجنة بكلامه ويقول لهم ابتعدوا بأفعاله فالتربية لا تكون إلا على منهاج أهل السنة والجماعة لأنه منهج رباني بني على أسس ربانية و المنهج التربوي لأهل السنة والجماعة ما كان إلا بتربية النبي صلى الله عليه وسلم لسلف الصالح وانظر حرص الأنبياء صلوات الله عليهم على هداية الناس انظر إلى خليل الله أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وهو يقول قال تعالى ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم ءايتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم) انه سؤال له مغزاه انظر إلى قوله ((فيهم))وقوله ((منهم)) ثم الغرض من إرسال هذا الرسول:
1- يتلوا عليهم آيتك
2- يعلمهم الكتاب والحكمة
3- ويزكيهم
وسبحان الملك القدوس العليم الحكيم يشاء الله -جل وعلا- أن يستجيب دعاء خليله إبراهيم قال تعالى كمآ أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم ءايتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) سورة البقرة صفحة151 وقال جل وعلا لقد مَنَ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة آل عمران صفحة 164 ويقول تعالى هو الذي بعث في الأمًُين رسولا منهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة الجمعة 2 فهذه ثلاث آيات من القرآن تفيد استجابة الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام وامتنان الله بذالك على المؤمنين ولكن لاحظ كيف رتب الله وظيفة الرسول المبعوث صلى الله عليه وسلم ترتيب آخر على غير نسق طلب إبراهيم عليه السلام والله أعلم بما يصلح عباده.
فطلب إبراهيم لوظيفة الرسول : 1- يتلوا عليهم آيتك
2- يعلمهم الكتاب والحكمة
3- ويزكيهم
إما امتنان الله ففي : 1- يتلو عليهم آياتنا
2- يزكيهم
3- يعلمهم الكتاب والحكمة
ولم يختلف هذا الترتيب في آية واحدة من الثلاثة ولا رابعة من جنس هذه الآيات في القرآن الكريم كله وهذا يدل -إن دل- على شيء واحد وهو :أهمية تزكية القلب قبل التعلم علما بأن التزكية معناها التربية في الشرع وتوحي بشيء هذا أوائل سورة المزمل.
قال تعالى يأيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا *إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) فقيام الليل نوع من أنواع التزكية لأن التزكية عند أهل السنة والجماعة بكثرة العبادة لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وما تزكية القلب إلا الإيمان فقيام الليل تزكية للقلب استعدادا لتلقي العلم (القول الثقيل).
السؤال الثاني/لماذا نحتاج الآن أن نسمي أنفسنا بالسلفيين؟
نحن الآن في وقت صعب ظهر فيه البدع والأهواء بكثرة ومن الناس الذين يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة وهم في الأصل لا يرتبطون بأهل السنة والجماعة لا من قريب ولا من بعيد لأسباب لأنهم مبتدعون ضالون يغرقون في أوحال البدع ولأنهم يضعون أيديهم مع من يؤمن بأن عائشة زانية و الصحابة كلهم كفار عدا أربع علي والحسين وفاطمة والحسن رضي الله عنهم فأصبح لزاما علينا نحن أصحاب المنهج الصافي والمعتقد الصحيح أن نميز أنفسنا بلقب شريف يمحوا أهل البدع من قاموسنا المشرف وتاريخا المجيد وما هم إلا مسيئين لمنهج أهل السنة والجماعة وهذا اللقب ما يزيدنا إلا عزة وفخر لأنه ينسب إلا أصحاب القرون الثلاثة الأولة وهم السلف الصالح رضوان الله عليهم واللقب هو ((السلفية)) قال شيخ الإسلام ابن تيمية"ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزي إليه بل يجب قبول ذلك بالاتفاق فان منهج السلف لا يكون إلا حق" وقال الإمام الذهبي "لم يدخل الرجل في علم الكلام ولا الجدال ولا خاض في ذلك بل كان سلفيا"واسم السلفية إنما هو محمود لقول ابن تيمية.
السؤال الثالث/ لماذا ندعو الناس إلى المنهج السلفي؟ وهل السلفية حزب جديد؟
المراد من المنهج السلفي ما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين وإتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه في الدين وتلقى الناس كلامهم من السلف كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري وابن المبارك والنخعي والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن دون من رمي ببدعة أو أشتهر بلقب غير مرضي كالروافض أو الخوارج أو المرجئة أو القدرية أو المعتزلة أو الجهمية أو الصوفية ونحن ندعو الناس لفهم القرآن والسنة بفهم الأوائل سلف هذه الأمة ونحن ندعو الناس إلى المنهج الصحيح والمعتقد الصحيح لنبلغ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل "بلغوا عني ولو آية" بلغوا تكليف عني تشريف ولو آية تخفيف من استجاب من الناس وعمل به فقد حاز على حظ وافر.
السلفية ليست اسم حزبي ولكنها اسم نسبي والسلفية ليست حزبا إنما السلفية فهم والسلفية هي المدرسة التي تحافظ على العقيدة والمنهج الإسلامي بعد ظهور الفرق المختلفة طبقا لفهم الأوائل والسلفية ليست تأسيس البشر إنما هي الإسلام نفسه بالفهم الصحيح علما وعملا وهي تمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان الناس يتلمسون اليوم طريقا للنهوض فليس لهم من سبيل إلا وحدة الجماعة ووحدة الجماعة ليس لها سبيل إلا الإسلام الصحيح والإسلام الصحيح مصدره الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والسلفية هي عودة الإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والسلفية تحارب الحزبية والعصبية التي تفرق بين الناس إذا السلفية منهج يدعو إليه الناس قال تعالىإن فرعون علا في الأرض وجعلها شيعا يستضعف طائفة منهم) قد أدرك أتباع الشيطان في هذه الأيام المقتل الذي عرفه فرعون وجنوده فتواصوا بالإفساد وأتباع الشيطان يجعلون الأمة أحزاب متشرذمة ينشغل بعضها ببعض يوالي عليها أصحابها ويبرؤون ويرون من لم ينتم إليهم خصما لهم وإذا نصحتهم يقولون مثبط مرجف قال تعالى لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا).
السؤال الرابع/ ما الفرق بين الأهل السنة والجماعة وبين السلفية؟
أهل السنة والجماعة لها معنيان المعنى الأول هو معنى عام وفي هذا المعنى يدخل فيه جميع الفرق كالمرجئة والجهمية والمعتزلة و القدرية وغيرها من الفرق المبتدعة الضالة والمعنى الثاني هو معنى خاص وفي هذا المعنى لا يدخل إلا فرقة واحدة ألا وهي الفرقة الناجية التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الفرق قال صلى الله عليه وسلم "تفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة قالوا وما هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي" ونحن نعتقد أن لا فرق بين أهل السنة والجماعة وبين السلفية لأننا نقيس أهل السنة والجماعة على المعنى
الخاص.
هذا و ما كان من توفيق فمن الله
وما كان من خطأ أو نسيان فمني و من الشيطان
هذا و الله اعلم...
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد